وللآبآء إبداع أيضا
وللآبآء إبداع أيضا
أطرق الى الارض معتصرا رأسه بين كفيه كأنما يستحسها ان تجود برأى ..بفكرة..بحل لقضية بعينها هى قضيته و قضية جيل بكامله..بل قضية وطن..تكلم ربنا عن فومها و عدسها و بصلها و قال رسولها عن أهلها انهم خير أجناد الارض.أرض و قوة ابدان ..فما الذى يبقى حتى تفرج الارض عن خيراتها؟..يبقى الماء ..اذن فليبدأوا به.و فى امسية من أمسيات السهر العقيم مع نفر من أصدقائه طرح فكرته وهى ببساطة ان يحملوا ما خف من الزاد والمتاع الى سهل قريب ينبت به شىء من سدر قليل و ليبدأوا بحفر بئر.كانوا اربعة من الاصدقاء..راقتهم الفكرة ووافقوا و على الفور شرعوا فى التنفيذ..تم توفير خيمة صغيرة و حاوية للطعام و الشراب و معدات الحفر..و لكن عند الرحيل اعتذر واحد ..ثم آخر و بقى اثنان ينظر كل منهما للآخر.قال صاحبنا لصاحبه:"لا عليك فلتعتذر ان شئت فان المهمة شاقة و لكنى بعون الله ماض فيها حتى لو كنت وحيدا". و رد الثانى :"لا لست انا الذى يفعل" و احتضن كل منهما الآخر و مضيا مع انبلاج الفجر الى السهل.اشتدت حرارة الشمس و بلغ منهما التعب و الاجهاد مبلغه فنظرا الى الوراء فلم يجدا لقريتهما أثرا..نزعا عن كاهلهما الاحمال..اقاما الخيمة و احتوتهما و راحا فى ثبات عميق.كانت الشمس تتأهب للمغيب حين استيقظا فمضيا يجمعان الحطب فى همة ليشعلا نارا تؤنسهما خلال الليل..تناولا عشاءهما و جلسا حول النار يتسامران و بينما هم كذلك اذا بعابر سبيل فوق متن ناقة يقبل عليهما فيستضيفانه ريثما يثبر غور فضوله فى استطلاع امرهما.اندهش العابر اعجابا بهما و اصر على ان يكون له معهما دور.قال انى عليم بطبيعة هذه الارض فسأحدد لكما موضع البئر و على ان امدكما بما تحتاجانه حتى يتم الحفر و الوصول الى الماء.لم يكن الماء بعيدا عن سطح الارض فلما وصلا اليه اختبراه ..الرائحة ..العذوبة..انه ماء صالح للشرب ..صالح للزراعة.طبيعة الارض تفرض ان نزرع الشعير و القمح نظرا لقلة حاجتيهما للماء ..و مضيا يمهدان الارض و يبذرا فيها حبات القمح و الشعير و ترعد السماء و تبرق فقد حل الشتاء و ينهمر المطر ليروى الارض فيكفيها عناء الرواء.و مضت الحياة من قلب الصحراء لتفيض على الحضر بالنعم قمحا و شعيرا و قطعانا من الماعز و الشياه.و مع كل يوم جديد يخرج من العدم شىء جديد ليضيف..فهذه طاحونة هوائية لنزع ماء البئر و اخرى لطحن الغلال ..و جرن لجمع الغلال..حظيرة للبهائم و الاغنام.كانت فكرة..مجرد فكرة..استجابت لها الهمم و العزائم الصادقة و باركتها السماء
Labels: رحلات
0 Comments:
Post a Comment
<< Home